الخميس، 6 أغسطس 2015

التاريخ السرى والشامل للعاده السريه ملف كامل لاغنى عنه للمراهقين والشباب

السلوك الجنسى الذاتى، أو الجنس بدون شريك، موضوع شائك ومحاط دائماً بسوء الفهم والموانع الأخلاقية والإجتماعية، الجميع بلا إستثناء يمارس العادة السرية أو الفانتازيا الجنسية، أو الخيالات الجنسية، والجميع أيضاً ينكرونها، ويعتبرون الحديث عنها "قلة أدب"، نمارسها فى الخفاء، ونكتم أنفاسها بالوسادة حتى لا يسمع لها صوت، وعندما يهاجمنا أحد هذه الخيالات نضطرب ونصف ونصم أنفسنا باللا أخلاقية، وبسبب كل هذه اللخبطة أصبحت المعلومات عن هذه النقطة فقيرة جداً أو شبه معدومة، وأصبح الجهل هو سيد الساحة.
كرد فعل لهذه المفاهيم ثار الكثير من الباحثين على إتهامات الدونية التى إتهموا بها كل ما يندرج تحت عنوان "الجنس بدون شريك"، وإعتبرها البعض الآخر نشاطاً جنسياً طبيعياً جداً.
يكفى أن نقرأ بعض هذه الأسماء مثل "جاد بيللى" فى بحثه المنشور 1975 و"دى مارتينو" 1979، و"فريداى" 1980، و"كونستانتين" 1981، و"بيتى دودسون" 1974، والتى كانت أجرأهم حين قالت "العادة السرية هى أساس حياتنا الجنسية وكل ما نفعله بعدها ببساطة ليس إلا محاولة لجعل الجنس مقبولاً إجتماعياً"!!.
تعريف العادة السرية
تعريف العادة السرية ببساطة هو "الإثارة الجنسية للشخص بنفسه ومن أجل متعته".
هذه المتعة تتم بوسائل كثيرة ووسائط متعددة مثل الحك أو التدليك أو العصر أو الإهتزاز، كل هذا للأعضاء التناسلية بالطبع، ولكن من الممكن أن تحدث الإثارة عن طريق مثل هذه الوسائل لأعضاء أخرى غير الأعضاء التناسلية مثل الثديين والجانب الداخلى للفخذ أو فى بعض الأحيان الشرج.
يستخدم علماء الجنس هذا المصطلح للإشارة إلى هذا الفعل بدون النظر إلى النتيجة، أى انه ليس بالضرورة أن تؤدى هذه الإثارة الجنسية إلى قذف حتى نطلق عليها لفظ العادة السرية، هذه نقطة هامة لابد أن نتفق على مفهومها قبل الخوض فى مناقشتها بالتفصيل.
هناك نقطة أخرى هامة هى أننا سنحاول التركيز فى عرضنا للعادة السرية كنشاط ذاتى فردى وليس مع شريك آخر، لأنه من الممكن فى العلاقة الجنسية بين طرفين وأثناءها أن يحدث ما يشبه العادة السرية التى أحياناً تستخدم كعلاج، لكن هذا ليس هو ما نقصده فى هذه الحلقات.
العادة السرية من الممكن أن تبدأ منذ الطفولة، وتشمل الجنسين الرجل والمرأة على السواء، وهى توجد أيضاً فى مراحل كثيرة من سلم المملكة الحيوانية، فقد لاحظ العالمان "فورد وبيتش" 1951 هذا السلوك فى أنواع كثيرة من الحيوانات مثل "القردة العليا" و"النسانيس" التى تفعل ما يشبه العادة السرية.
لاحظ العالمان أيضاً وجودها وممارستها بواسطة بعض الثدييات الأخرى، وفى بحثهما نقرأ:
"ذكور الأفيال فى بعض الأحيان تداعب قضيبها شبه المنتصب بواسطة جذعها، وذكور الكلاب والقطط تلحس عادة عضوها لتحدث إنقباضات قوية فى منطقة الحوض مما يثبت التأثير الجنسى لهذه المداعبات، وقد لاحظنا أيضاً هذه الممارسات فى الدولفين".
وبالرغم من محاولة هذين العالمين "فورد وبيتش" إضفاء الطبيعية على هذه العادة إلا أنهما لاحظا أن معظم المجتمعات الإنسانية تدين هذا السلوك وتعتبره غير مرغوب فيه.
ولكى نفهم سر هذه الإدانة لابد أن نلقى نظرة على الماضى ونبحث فى صفحات التاريخ السرى للعادة السرية....... وهذا هو موضوع حلقتنا التالية بإذن ****.

احتار علماء اللغة فى أصل كلمة العادة السرية masturbation وبحثوا فى جذرها اللغوى فوجدوه غير واضح وإنقسموا إلى فريقين، الفريق الأول أرجع الكلمة إلى الأصول الرومانية، والثانى أعاده إلى الأصل اللاتينىmanus بمعنى يد وstupro بمعنى ينجس، أى أنه الفعل الذى ينجس اليد، لكن معظم الدارسين الآن يرجعونها إلى الجذر اللغوى اليونانى mezea أى الأعضاء التناسلية، وهو ما يتفق مع المعنى الأصلى القديم للعادة السرية وهو إثارة الأعضاء التناسلية
برغم هذه الجذور اليونانية والرومانية للكلمة إلا أن كلاً من المجتمع اليونانى والرومانى لم يناقش هذه العادة بإستفاضة وأبدى حيالها الصمت إلا فى كتابات قليلة مثل ماقاله "أبو قراط" والذى يعتبر الجد الأول للطب، والذى كتب يحذر منها ويقول "كثرة العادة السرية تستهلك النخاع"، والعجيب أن هذا هو المفهوم الشعبى المصرى المستقر حتى الآن بالنسبة لهذه العادة!، وقد زاد عليها شعبنا بانها تتسبب فى خلخلة الركب!.
وبالرغم من أن الكتاب المقدس لم يدن صراحة العادة السرية أو يقل فيها قولاً فصلاً واضحاً، او نصاً ظاهراً حيالها، إلا أن اليهود وال****يين المحافظين يدينونها وينظرون إليها كإثم وذنب عظيمين، وقد حاولت هذه التيارات المحافظة الإستناد إلى قصة" أونان" فى سفر التكوين، والتى إعتبروها مرسوماً صادراً من الرب ضد العادة السرية، يقول النص:
"فقال يهوذا لأونان إدخل على إمرأة أخيك وتزوج بها وأقم نسلاً لأخيك فعلم أونان أن النسل لايكون له. فكان إذا دخل على إمرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطى نسلاً لأخيه. فقبح فى عينى الرب مافعله. فأماته أيضاً"

فسرت التيارات المحافظة هذا الفعل لأونان على أنه العادة السرية، ولكن الدراسين المحدثين يفسرونه على أنه كان بالفعل يجامعها ولكنه كان يقذف فى الخارج، وهذا فعل مختلف تماماً عن العادة السرية، وقد صارت هذه القصة فى حكم البديهيات لدرجة أن العادة السرية كانوا يطلقون عليها الأونانية onanism حتى أوائل القرن العشرين.
فى الإسلام أيضاً إختلفت الآراء، فالإستمناء أو جلد عميرة (الإسم الذى يطلق على العادة السرية) يراه البعض حراماً مطلقاً، ويراه البعض حراماً فى بعض الحالات وواجباً فى بعضها الآخر، والبعض الآخر ذهب إلى القول بمجرد كراهته، ولكا منهم قياساته وحججه.
أما الذين ذهبوا إلى تحريم الإستمناء فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم فى التحريم أن **** سبحانه وتعالى أمر بحفظ الفروج فى كل الحالات إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين، فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين وإستمنى كان من العادين المتجاوزين ما أحل **** لهم إلى ما حرمه عليهم، وإعتمدوا فى ذلك التحريم على قول **** تعالى فى سورة المؤمنون:
"والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن إبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون".
نأتى إلى الفريق الثانى الذى حرم فى بعض الحالات وأوجبها فى البعض الآخر، وهذا الفريق هو فريق الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الإستمناء إذا خيف الوقوع فى الزنا بدونه جرياً على قاعدة إرتكاب أخف الضررين.
أما الحنابلة فقد قالوا أنه حرام إلا إذا إستمنى خوفاً على نفسه من الزنا أو خوفاً على صحته ولم تكن له زوجة أو أمة ولم يقدر على الزواج فلا حرج عليه.
أما إبن حزم فيرى أن الإستمناء مكروه ولا إثم فيه، لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، وإذا كان مباحاً فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حراماً أصلاً لأن القرآن لم يفصل لنا تحريمه.
كان ممن كرهه "إبن عمر" و"عطاء" وممن أباحه إبن عباس والحسن وبعض كبار التابعين، وقد قال الحسن "كانوا يفعلونه فى المغازى".
إذن فى الإسلام أيضاً الأمر مختلف عليه وليست فيه الكلمة اليقين بالنسبة للعادة السرية أو الإستمناء.
نأتى إلى الكنيسة الكاثوليكية الحديثة والتى ظلت متمسكة بالرأى القديم ففى إعلان الفاتيكان لأخلاقيات الجنس والذى صدر فى 29 ديسمبر 1975 أعلن أن "العادة السرية إضطراب داخلى خطير وإثم عظيم"، وقد نظر قادة الكنيسة إلى هذه العادة على أنها فعل غير طبيعى لأن هدف التكاثر أو غاية التناسل ليست متوافرة، ووصفوها على أنها إمتهان للنفس أو تدنيس للجسد وتلويث للروح.
ظلت الإتهامات والإدانات والتحريمات حتى القرن الثامن عشر تدور فى إطار الكتب المقدسة، وأوامر ونواهى رجال الدين حتى جاء الطبيب السويسرى "تيسوت" (1728-1797) وزخرفها علمياً ومنحها إطاراً طبياً مزيفاً مما زاد من سوء سمعتها أكثر وأكثر، فتحولت العادة السرية من مجرد إثم وذنب إلى علة ومرض!.
كتب الطبيب السويسرى أن كل الأنشطة الجنسية خطيرة وضارة لأنها تدفع الدم إلى منطقة الرأس تاركة باقى أعضاء الجسم خالية منه، ويتسبب ذلك فى تحلل الأعصاب وباقى الأعضاء الحيوية، وبالتالى سيؤدى تحلل الأعصاب إلى الجنون!، وكان" تيسوت" يعتقد أن العادة السرية بالذات هى أخطر نشاط جنسى على الإطلاق لأنها تبدأ فى أكثر سنين العمر حيوية، ولأن الإحساس بالإثم والذنب المصاحب لها يضاعف من تدمير الجهاز العصبى.
أصبحت المصحات النفسية تراقب المرضى حتى لا يقعوا أسرى هذه العادة، وبمرور الوقت عبرت مفاهيم ومعتقدات هذا الطبيب السويسرى المحيط الأطلنطى وسرت آراؤه ك***** فى الهشيم، وإكتسبت العادة السرية نتيجة لذلك الإنتشار أبعاداً خطيرة، وصورة قبيحة، وصارت سبباً لكل مرض وبلاء، وإليكم عينة من الأمراض التى أعتقد الناس فى ذلك الوقت أنها من نتائج العادة السرية، فبالإضافة إلى الجنون إنضم إلى القافلة الصرع وحب الشباب والهزال وضعف التركيز وفى النهاية الموت المبكر!!.
وقع الآباء أسرى هستيريا القلق على أبنائهم، وصار همهم الأساسى هو الحفاظ عليهم من هذا الخطر الداهم، وصار أيضاً من واجبات الأطباء الأساسية أن يضعوا حداً لهذا الخطر، وتم الإستنزاف المنظم والهائل للطاقة والمال بغرض الشفاء من العادة السرية بداية من الأحزمة المحكمة والأقفال والأقفاص التى تحمى الأعضاء التناسلية من الأيدى العابثة، ووصولاً إلى التدخل الجراحى الذى يترك جزءاً صغيراً من العضو لا يسمح بالمداعبة!!.
دخل الأمريكان الحرب ضد العادة السرية بمنطق جديد وهو إذا كانت هذه العادة هى الطعام الذى يشتهيه الجميع فلو منعنا المشهيات التى تفتح النفس لإلتهام هذا الطعام أو ممارسة هذه العادة فسنكون قد نجحنا فى القضاء عليها، لذلك وضعت قائمة ممنوعات طويلة منها الكحوليات والمأكولات البحرية والملح والفلفل والجيلى والشيكولاته والخل والقهوة....وغيرها، وزادت طوابير المتهمين حتى كادت أن تشمل كافة الأطعمة التى شك فيها الأطباء بأنها تثير الأعصاب وتزيد من الرغبة الجنسية.
بجانب منع الطعام أضيفت أسلحة أخرى للمواجهة، فقد حذر الأطباء من البنطلونات الضيقة والإحتكاك بأغطية السرير عند النوم، ومداعبة الأعضاء التناسلية عند التبول، ولمسها بالنسبة للأطفال عند الإستحمام بواسطة الأب أوالأم.
لكن ماذا لو فشلت كل هذه الإحتياطات فى منع ممارسة العادة السرية؟، الحل أيضاً موجود، ولكن بخطوات أكثر قسوة وعنفاً وميلودرامية، كان الحل الجاهز فى روشتات الأطباء وقتها أن يرتدى ***** جاكتاً محبوكاً على كل جسده وقت النوم، ولفه فى ملاءة باردة حتى تبرد الرغبة وتثلج الشهوة، ثم تربط يداه فى أعمدة السرير!، وقد وافق مكتب براءات الإخترعات الأمريكى وقتها على عدة أشكال وتعديلات مختلفة لحزام العفة والذى كان منتشراً فى العصور الوسطى، وينصح الآباء بعمل مفاتيح لغلق هذا الحزام قبل نوم ***** والحفاظ عليه فى مكان أمين.
فى مطلع القرن العشرين تطورت أدوات كبح ومنع جديدة تتناسب مع التطور التكنولوجى الذى أحدثته الثورة الصناعية، فتم إختراع القفاز المعدنى الذى يشل اليد عن محاولات "الدعبسة" الليلية الشيطانية، بالإضافة إلى وسيلة تحذير شبيهة بالجرس ترن فى حجرة الوالدين عند أى حركة أو محاولة الخروج على النظام والآداب العامة!.
لم يقنع العقل البشرى فى حربه ضد العادة السرية بمثل هذه الوسائل المؤقتة والحلول المرحلية، فهم لا يريدون رصاصاً أو قنابل زمنية ولكنهم يريدون النابالم والقنابل الذرية!!، ولذلك أجهد الأطباء أنفسهم حتى يستريح ضميرهم نهائياً ويخلدون إلى الراحة دون أن ينقض عليهم صوت فحيح النشوة الناتجة عن هذه العادة الشيطانية فى رأيهم!!.
ولذلك هداهم تفكيرهم إلى حلول ثورية وجذرية مثل:
· وضع ديدان العلقة على الأعضاء التناسلية لإمتصاص الدم وتخفيف الإحتقان الذى كانوا يعتقدون أنه السبب الرئيسى فى تأجج رغبتهم الجنسية.
. الكى بتيار كهربى أو بمكواة ساخنة لكى تنصهر الأعصاب وتموت الرغبة.
أكثر الحلول جذرية كانت إخصاء الرجل وختان المرأة، وإنتشر هذا الحل فيما بين عامى 1850 و 1860، لدرجة أن الدوريات العلمية الأمريكية وقتها أكدت على أن أفضل الحلول والعلاجات للجنون هو الإخصاء!، ولم تخف حدة المعركة أو تنطفئ نيرانها المشتعلة إلا حينما بدأت الهدنة فى السنين الأولى من هذا القرن، خاصة فى المجتمع الأمريكى حين بدأ الأطباء هناك يفضون الإشتباك، ويهاجمون الإرتباط الشرطى فيما بين العادة السرية والجنون.
تمرد بعض الأطباء الشبان هناك وأعلنوا بشجاعة أن السيدات يمارسن العادة السرية للتخفيف من الهستيريا، والرجال يمارسونها بدلاً من إصطياد العاهرات أو الوقوع فى مستنقع الأمراض التناسلية مثل الزهرى والسيلان، ولكن لا تستعجل عزيزى القارئ فنحن لم نصل بعد إلى توقيع إتفاقية السلام بين العادة السرية والعقل البشرى، ولكى نتأكد من ذلك فلنقرأ تقريراً طبياً بتوقيع د.سكوت الذى كتبه 1930 يحذر فيه من الأنشطة التى تثير الشهوة وتؤدى إلى العادة السرية مثل التسلق وركوب الدراجات والجلوس على ماكينات الخياطة، وأكد فيه أن أقصر الطرق للعته والجنون والشيخوخة المبكرة هو طريق العادة السرية التى تؤدى أيضاً إلى الصداع والبلادة وإلتهاب الأعصاب وعدم وضوح الرؤية.
أظن أنها أخطر وثيقة إتهام، ولكن هل إستمر الطريق فى إتجاه واحد، وإدانة على طول الخط، أم أن العلم كان له رأى آخر؟؟؟؟؟؟.

المواقف المعاصرة من العادة السرية
سرد موقف العلم المعاصر من مسألة العادة السرية لا يعنى أننا نبغى أن نقول أن المواقف قد تغيرت من النقيض إلى النقيض، فالشك ما زال سارياً، والتوجس مازال مسيطراً، والناس ما زالوا يتهامسون بأن العادة السرية تجعل الشعر ينمو فى باطن اليد وتشوه الأعضاء التناسلية (مفهوم غربى)، وأن من يمارس العادة السرية ينكح يده، ومن ينكح يده كأنما نكح أمه ( مفهوم شرقى)، ووصل الأمر إلى حد أن العقم حملت وزره العادة السرية التى أصبحت شماعة الخطايا البشرية!!.
كانت بداية تغيير المواقف وتبديل المفاهيم، أبحاث وتقارير عالم النفس "كينزى" الشهيرة فى نهاية الأربعينات وأوائل الخمسينات والتى أدت بالتالى إلى تغيير ولو طفيف فى مواقف ومفاهيم رجل الشارع، وتوالت الأبحاث بعد ذلك وأثبتت وأكدت هذا الموقف الجديد تجاه العادة السرية، ففى تقرير ل"مورتون هنت" وجد أن واحداً من كل ستة رجال، وواحدة من كل ست نساء فى الفترة العمرية ما بين 18 و34 سنة يعتقد أو تعتقد أن العادة السرية خطأ، أما فوق ال 45 سنة فإن الثلث أدان هذه العادة.
فى تقرير آخر لـ "كوتن" 1974 سئل 230 طالباً فى سن الجامعة و205 طالبة فى نفس السن عن العادة السرية، فوجد أن معظم من كان لا يمارسها أحجم عنها نتيجة لنقص الرغبة، وكان من ضمن هؤلاء الذين لم يمارسوها 32% من الرجال و14% من النساء، يفكرون فيها كمضيعة للوقت والجهد وكفعل غير أخلاقى، بينما كانت نسبة ضئيلة منهم ترجع هذا الإمتناع إلى إحساس بالذنب أو إلى أسباب دينية.
وفى البحث الذى أجرى 1987 بواسطة " أتوود وجاجتون" وقد توصلا إلى أن 40% من الذين لم يمارسوا العادة السرية لم يفعلوا ذلك لأسباب أخلاقية.
من الطريف أن نقتبس فقرة تناسب ما نتحدث عنه من قصة للروائى "فيليب روث" يقول فيها على لسان إحدى شخصيات أعماله "إنها نهاية سنة النضج فى المدرسة العليا وأيضاً فى عادتى السرية، حيث أننى إكتشفت فى أسفل قضيبى عند إتصال جذع القضيب برأسه بقعة متغيرة اللون، شخصوها على أنها نمش، إنها ليست كذلك بل هى سرطان، لقد سببت لنفسى السرطان، كل هذا الإحتكاك الذى احدثته بلحمى أصابنى بمرض لن يشفى، وأنا لم أصل بعد للرابعة عشرة، فى الليل وعلى سريرى إنهمرت دموعى، صرخت لا.. لا أريد أن أموت. أرجوكم لا.. ولكن بعد ذلك ولأنى سأصير جثة متعفنة بعد لحظات، فقد إرتعشت مختبئاً فى جوربى".
هذا الرعب والفزع الذى إجتاح بطل هذه القصة أظنه إنقلب هذه الأيام إلى إطمئنان وقبول بان تلك العادة ليست بهذه الخطورة، بل هى شئ عادى، ولكن مازال هناك تحت السطح جزء مختفٍ من ذلك الجبل الثلجى الطافى، وهو بلا شك معظم تكوين ذلك الجبل، والجزء المختفى عبارة عن شكوك تعتمد على أربعة مفاهيم مازالت لها بعض السيطرة والتسلط على العقول وهى:
1- العادة السرية ذنب وإثم: يستند هذا المفهوم إلى أساس أخلاقى ودينى وهو بلا شك أساس قوى، له مهابة وقدسية، وقد وجد "دى مارتينو" 1979 ان نسبة من يمارسون العادة السرية بين المتدينين أقل منها بين غير المتدينين، أو الذين لا تربطهم بالدين علاقات وثيقة.
2- العادة السرية شئ غير طبيعى: وهو ما يرد عليه العلماء بسؤال آخر هو، ما هو مقياسكم للطبيعى؟، وإذا كنتم تتحدثون عن الطبيعى فالمملكة الحيوانية كما ذكرنا من قبل بها العديد من الحيوانات التى تمارس العادة السرية، ويردون أيضاً بالتقارير التى لا حصر لها والتى تثبت ممارسة الأطفال لهذه العادة.
3- العادة السرية من الممكن أن تكون جزءاً من مراحل النمو: ولكن البالغين الذين يظلون على ممارستها ليسوا ناضجين.. هذا ما تؤيده نظرية "فرويد" التى تؤكد على أن ممارسة البالغ للعادة السرية هى دليل واضح على عدم نضجه، وعرض من أعراض تأخره، لكن معظم الباحثين فى علم النفس المعاصر يعتقدون أن العادة السرية نمط شرعى جداً من أنماط النشاط الجنسى.
وهذا الشد والجذب بين النظريتين فى إعتقادى ناتج عن مفاهيم مختلفة للتطور والنضج داخل مدارس علم النفس، فلا توجد دراسة علمية واحدة رصينة وواضحة تظهر أن من يمارس العادة السرية هو أقل نضجاً عن نظيره الذى لا يمارسها أو يستنكرها، لكن البعض يعتقد وهذه نقطة جديرة بالبحث والدراسة، أن صفة عدم النضج تطلق حينما تكون هذه الممارسة هى الوحيدة، أو حينما تمارس بشكل قهرى، أو تصبح نشوته الجنسية مقصورة على هذا النمط من النشاط الجنسى برغم وجود البديل السهل والمتاح والجاهز ...الخ، هنا تكون العادة السرية دليلاً على عدم النضج.
4- العادة السرية تميل إلى أن تصبح تعوداً وإدماناً: ومن الممكن أن تعطل أو تمنع نمو الوظائف الجنسية الصحية، ويهاجم علماء النفس المعاصرون هذا المفهوم بشدة، ويعتبرونه ردة لمفاهيم ومعتقدات القرن التاسع عشر، بل على العكس يؤكد بعضهم وعلى رأسهم "دى مارتينو" أن نقص هذه الخبرة "العادة السرية" ستؤدى إلى مشاكل جنسية كثيرة مثل الضعف الجنسى عند الرجل، والبرود الجنسى عند المرأة، وأكثر من ذلك إستخدم بعض الباحثين هذه الخبرة وعلى رأسهم دكتورة "كابلان" فى برامجهم العلاجية
بالإضافة إلى الفوائد العلاجية السابقة أصبح واضحاً الآن أن العادة السرية من الممكن أن تكون لها فوائد أخرى فى نظر هؤلاء العلماء المعاصرين، فمثلاً هى تمثل "مخرجاً جنسياً متاحاً وممتعاً فى نفس الوقت فى حالة عدم وجود شريك حياة أو رفيقة درب وخاصة فى كبار السن"، وأيضاً "حلاً لمن يملكون طاقة جنسية أو رغبة جامحة فى وقت لا يستعد فيه الطرف الآخر لتلبية مثل هذا الجموح فى هذه اللحظة"، وبما أننا فى عصر الإيدز اللعين فقد إعتبرت "كابلان" هذه العادة وسيلة من الوسائل الهامة جداً لممارسة جنس آمن بدون إيدز.
وأخيراً فهى وسيلة للتخلص من التوتر مما يساعد الشخص على أن يستريح من البخار المكتوم!!.
كل فيما يعشق مذاهب !!
لا ينطبق هذا العنوان على سلوك جنسى قدر إنطباقه على العادة السرية، فمتى إكتشف الشخص -رجلاً كان أو إمرأة- صندوق النشوة السحرية وإمتلك مفتاحه فإنه يظل يبحث وبدأب شديد عن طرق وبدائل ووسائل مختلفة ومتباينة للإستفادة مما فى هذا الصندوق، فيصبح سندباداً لا يرسو على شاطئ محدد، وكلما تخيل المنتظرون على الشاطئ الآخر أنه سيحط رحاله عندهم، فرد الشراع إلى ناحية أخرى وإتجاه مختلف وتركهم فى إنتظار جودو!.
لاحظ عالما الجنس "ماسترز وجونسون" فى دراستهما المنشورة 1966 أنه لا توجد إمرأتان تمارسان العادة السرية بنفس الأسلوب والطريقة، أما الرجال عامة فكأنهم يملكون "ورق كربون عام" لأنهم عادة يتشابهون فى الطريقة والأسلوب.
ما سنعرض له الآن ليس حصة فى البرامج التعليمية لكيفية ممارسة العادة السرية، لأن الكل يمارس وبطريقته الخاصة وبدون الرجوع إلى مراجع أو كتالوجات أو دروس خصوصية، لكننا سنناقش كيف يمكن للعلم أن يقتحم أموراً حساسة وغامضة ويشرحها بمشرطه الموضوعى، ويضعها على مائدة البحث ليفض غلالة غموضها وتناقضها، إنها محاولة للرصد نعلم أن عواقبها وخيمة.
بالنسبة للمرأة فإن طريقتها فى العادة السرية والأكثر إنتشاراً هى مداعبة البظر أو منطقة العانة أو الشفرتين بالإحتكاك أو بالضغط أو بالإهتزاز... هذه هى أكثر الوسائل تكراراً كما ذكر "ماسترز وجونسون"، وكل هذه الطرق والوسائل تبغى فى النهاية شيئاً أساسياً وهو إثارة البظر، عضو الإحساس الجنسى عند المرأة لأن إثارته المباشرة نادرة الحدوث فى العادة السرية نظراً لحساسيته الشديدة، ولأن الإثارة القوية التى تستخدم فى مكان معين منه فى كل وقت ستؤدى لتقليل المتعة والنشوة بالتدريج، لأن البظر وقتها سيصبح فاقداً لأحاسيسه وإستجاباته السابقة، وقد وجد الباحث "كينزى" فى أبحاثه المنشورة فى بداية الخمسينات أن نسبة 20% من السيدات يمارسن العادة السرية بإدخال الأصابع أو أشياء أخرى للإثارة، وفى بحث آخر لهيت 1977 ذكر أن نسبتهن لا تتعدى الـ1،5%، وقد ذكر كينزى أيضاً أن حوالى 11% من السيدات حين يمارسن العادة السرية يشركن الثدى فى هذه المهمة كمنطقة تجلب النشوة لهن.
تتوالى الأرقام الطريفة فقد وجد "هيت" أن نسبة 5.5% من العينة التى أجرى عليها البحث كانت تمارس العادة السرية وهى مستلقية على البطن، وبعضهن يفضلن ممارستها بالإحتكاك بأشياء مثل الوسائد أو الكراسى أو أركان المائدة أو..... ووجد هيت فى بحثه أن 3% منهن يمارسنها بضم الفخذين بحركة إيقاعية منتظمة.
وتتعدد الأبحاث والإحصائيات والوسائل التى منها العادى والمعروف ومنها أيضاً الغريب والعجيب من صاحبات العقلية الإبتكارية، مثل أجهزة الإهتزاز وفرشاة الأسنان الكهربائية...وغيرها!!
برجاء عدم الإشمئناط، فالمعرفة ليست عيباً، وإذا كنت قد صدمت فإقلب هذه الصفحات سريعاً وحالاً على العادة السرية عند الرجال... هل ستقلب الصفحة... أشك؟!!
العادة السرية عند الرجل معروفة ومباح كشفها، والكلام عنها لا يعتبر من قبيل الجرأة والإبحار ضد التيار، لأن الرجل زعيم القبيلة وسيدها، وقد كفل له المجتمع ألا "ينكسف" من شئ، فالخجل والكسوف وإطراقة الرأس والصوت الهادئ والجلسة على طرف الكرسى وهروب العينين من المواجهة وحفظ الأسرار فى خزانة لها ألف باب ومليون مفتاح ورقم سرى... كل هذا أنثوى ومن نصيب المرأة فى الميراث الذى سمح به المجتمع.
وطريقة حك القضيب باليد هى المألوفة والمعروفة لدى كل الرجال، وعادة ما يثير الرجل نفسه ويركز إنتباهه على منطقة ما قبل رأس القضيب مباشرة، ويقرر ماسترز وجونسون فى البحث المنشور 1979 أن إثارة كيس الصفن المحيط بالخصيتين أو رأس العضو بطريقة مباشرة تحدث قليلاً بين الرجال، ويسرع الإيقاع دائماً كلما إقترب الرجل من قمة النشوة، أما عند القذف فيصنف "ماسترز وجونسون" الرجال تبعاً لإستجابتهم إلى ثلاثة أصناف أو أقسام، الأول يبطئ ويتمهل عند القذف، والثانى يمسك بشدة وكأنه يقبض على عضوه، أما القسم الثالث فيوقف أى زيادة فى الإثارة، وقد ذكر كينزى ومارتين 1948 أن نسبة بسيطة من الرجال تفضل الإحتكاك بالسرير أو بالوسادة وأيضاً إدخال العضو فى شئ مجوف تشبهاً أو إستحضاراً لعملية الجماع نفسها، وقد ذكر البحث أشياء طريفة إبتكرها الرجال موضوع البحث لمثل هذا الإستحضار وهى عنق زجاجة اللبن أو قطعة صلصال مشكلة وكأنها مهبل!.
لم تقف التكنولوجيا الحديثة أمام هذا الموضوع مكتوفة الأيدى فكما خدمت المرأة فى الـ 'vibrators'، خدمت الرجل أيضاً فى العرائس التى تصنع من المطاط والتى يمكن نفخها ومجهزة بفم مفتوح وثديين ومهبل وشرج.... بل وجهاز شفط!!، وزيادة فى الخدمة فهى إما أن تستعمل يدوياً أو كهربياً لخدمة الرجال الذين يعانون من إفتقاد الشريك، هذه الأجهزة أو العرائس من الممكن إستخدام الدهانات أو الكريمات فيها أو إضافة ما يجعلها تهتز أو تدفئ، ولكن فى أحيان كثيرة تطولها عيوب الصناعة مثلها مثل الغسالات والثلاجات وتتسبب فى أضرار ومخاطر كبيرة لمن يستعملها.
أما أكثر الأنواع ندرة والتى ذكرها أيضاً كينزى ومارتين فى أبحاثهما السابقة فهى ممارسة الرجل للعادة السرية بفمه وقد أحصاها البحث بإثنين من كل ألف!، والأكثر ندرة هو غرس شئ فى قناة مجرى البول أو الإثارة عن طريق مداعبة الثديين، وطرق أخرى من قبيل العجائب والغرائب التى مكانها موسوعة جينز.
نكرر أنه لا يوجد موضوع مهما بلغت حساسيته يستعصى على البحث العلمى، فالعلم إستطاع أن يخترق أسوار حجرات النوم ودورات المياه ويضع ما يحدث فيها تحت المجهر.
العادة السرية بين الحقيقة والخيال
هبطت العادة السرية من سماء الخيال إلى حيث أرض الحقيقة والواقع على يد علماء النفس وأطبائه، وكانت وسيلة هذا الهبوط هى مظلة الإحصائيات والبحوث الميدانية والقياسات عن طريق الأسئلة، وكانت البداية مع "كينزى" الذى ذكر فى بحثه أن النسبة هى 92% من الرجال و 62% من النساء مارسوا العادة السرية على الأقل مرة واحدة فى حياتهم، ثم كانت إحصائية "هنت" 1975 حين ذكر نسبة مقاربة وهى 94% من 982 رجلاً و 63% من 1044 سيدة مارسوا العادة السرية، وأيضاً التى ذكرها "كتون" 1974 وهى 89% من الرجال و 61% من النساء، وقد إهتم بعض العلماء بإجراء أبحاثهم على النساء فقط مثل "ميللر وليف" اللذين ذكرا 1976 أن 78% من النساء قد مارسن العادة السرية، وزاد "هيت" النسبة قليلاً إلى 82% من مجموع 3000 سيدة أجرى عليهن البحث 1977، أما ليفين فقد وسع مجال البحث بحيث شمل مائة ألف سيدة وخرج بنتيجة تقول أن ثلاثة أرباعهن قد مارسن هذه العادة، ولكن ما هو السر فى هذه الزيادة التى وجدها الباحثون بالنسبة لممارسة العادة السرية بين السيدات؟، أرجعها الباحثون إلى ثلاثة أسباب وأرجوكم لا ننسى أننا نستمد كل هذه الإحصائيات من الخارج ولكن ما باليد حيلة فنحن أعداء الإحصاء وملوك نظرية ياعم فوت... والعدد فى الليمون!!
السبب الأول: المرونة النسبية لبعض المواقف المتصلبة والمتشددة تجاه العادة السرية عند النساء برغم الإحساس بالذنب والعار الذى يكتنف كل من تمارسها.
السبب الثانى: لم تعد العادة السرية أسيرة الصدفة، ولم يعد إكتشافها يتم فجأة، وقد ساعد على ذلك أن معرفة النساء بها وبأمور الجنس بصفة عامة قد أصبح متاحاً وفى سن صغيرة وعبر وسائط متعددة.
السبب الثالث: يتعلق بالرجل الذى تغيرت نظرته بالنسبة للإشباع الجنسى للمرأة والتى فى بعض الأحيان يشجعها على الوصول لهذا الإشباع حتى ولو بالعادة السرية.
نأتى فى النهاية لمسألة العدد، أى معدل الممارسة، وما هو العدد الذى نضعه فى إطار الطبيعى، وما هو الذى نصفه بالشاذ أو المبالغ فيه؟، وفى البداية نطرق باب علماء الصحة الجنسية الذين بحثوا فى هذا الموضوع:
ذكر "كينزى" أن معدل ممارسة العادة السرية بالنسبة للرجل العازب فيما بين 16 إلى 20 سنة هو 57 مرة فى السنة، ويقل هذا الرقم إلى 42 فيما بين 21 إلى 25 سنة، أما فى المرأة فإن الرقم هو 21 مرة بالنسبة للفترة العمرية مابين 18 إلى 24 سنة وهو ما لم يوافق عليه هنت فى بحثه ورفعه إلى 37 مرة فى السنة.
ويفترض كثير من الناس أنه ما دام الإنسان قد تزوج "رجلاً كان أم سيدة" فهو بالقطع لا بد أن يكف عن ممارسة العادة السرية، ولكن الوضع غير ذلك فالمفترض عندنا شئ والحادث شئ آخر، فقد أجرى "هنت" بحثاً فى سنة 1975 أثبت أن 72% من الرجال المتزوجين حديثاً يمارسون العادة بنسبة 24 مرة فى السنة، و 68 % من النساء المتزوجات حديثاً يمارسنها 10 مرات فى السنة، وتقل النسبة بعض الشئ فيمن يحتفلون بيوبيل زواجهم الفضى أو الذهبى أو الماسى!.
أما الأساطير التى نسجت حول العادة السرية فقد إختفت تقريباً بعدما إتضح عدم وجود أضرار صحية من جراء ممارسة العادة السرية، لأن هذه العادة يحكمها كما يذكر علماء النفس نظرية صمام الأمان، فعندما تصل إلى نقطة معينة من الحمل الزائد فهى توقف تلقائياً بهذا الصمام الذاتى المحكم، وهنا نصل إلى مسألة الإفراط فى العادة السرية التى كثيراً ما تتردد على صفحات المجلات المهتمة بأمور الجنس وفى عيادات الأطباء وحتى فى نميمة الأصدقاء، ولكى نعرف الإفراط لا بد أولاً أن نعرف ماهو الطبيعى؟، وهنا سنقع فى جدل لن ينتهى وتراشق بالأرقام سيضللنا أكثر مما يهدينا، وهنا أيضاً ينقذنا علماء الصحة الجنسية، فيقول "ماسترز" و"جونسون": "الإفراط فى العادة السرية هو أن يزيد الشخص أو يتجاوز معدله الطبيعى"، وهذا الحرف. حرف الهاء فى كلمة "معدله" يجعل الأمر شخصياً بحتاً، أى أن إجابة السؤال متعددة بتعدد من يمارسون العادة السرية!!.، وحينما يدخل شخص إلى العيادة ويخبر الطبيب بوجه مكفهر وصوت حزين "أنا مفرط فى العادة السرية وأنا متزوج" أو "هذا كثير على صحتى أو بالنسبة لسنى"....هنا نلاحظ القلق والصراع والإحساس بالذنب والقهر، هنا لا بد من تدخل الشخص المختص وهو طبيب الصحة الجنسية، أما إذا كانت العادة السرية مصدر سعادة ومتعة وإقتناع فليست هناك مشكلة.
ونورد هنا ملاحظة أخيرة وهامة أرجو أن تصل إلى الجميع وتستوعبها كل الأذهان وهى ألا تضللنا الصورة التى نرسمها فى خيالنا لهؤلاء العلماء الذين نعتقد أنهم يدينون كل من لم يمارس العادة السرية أو يعتبرونه إنساناً غريباً او كائناً منقرضاً، فكل من لم يمارسها لأسباب دينية أو أخلاقية أو شخصية أو لأنه لم تواته الفرصة، كل هؤلاء طبيعيون أيضاً فى نظر هؤلاء الباحثين، لأن السلوك والقرار الجنسى يجب ان يكون شخصياً وخاصاً جداً فى النهاية.

النوم والإثارة الجنسية
توصل العلماء فى أبحاثهم على فسيولوجية الجنس إلى أن الرجل ينتصب حوالى 6 مرات أثناء النوم ويستغرق كل إنتصاب ما بين خمس وعشر دقائق، وكذلك المرأة تحدث بها الإفرازات التى تبلل جدار المهبل بنفس المعدل تقريباً، هذا هو الجانب الأتوماتيكى فى عملية الإثارة الجنسية أثناء النوم، وهذا الإنتصاب وتلك الإفرازات تحدث مهما كان محتوى الحلم حتى ولو حلم بأنه جالس مع بطل للمصارعة أو هى جالسة على ماكينة خياطة!.
لكن ما نقصده هنا فى هذا الجزء هو الإنتصاب أو الإفرازات الناتجة عن إثارة ونشوة، أى أنها ليست رد فعل أوتوماتيكى بل فعل إيجابى.

الإحتلام:
فى تقرير "كينزى" سجل أن 83% من الرجال قد مروا بخبرة الإحتلام أثناء النوم والذى يصل لأقصى معدل له فى سن المراهقة قبل العشرين، ويبلغ طبقاً لهذا التقرير مرة كل شهر ويقل بعد العشرين والثلاثين، وقد سجل كينزى حالات متعددة لرجال يحتلمون وقد تجاوزوا الثمانين!.
يعد العلماء الإحتلام صماماً للأمان ضد التوترات الجنسية المتراكمة التى لا تجد لها متنفساً أثناء اليقظة، إنه حل فسيولوجى بحت لمشكلة إجتماعية بحتة، أى أنه إذا زادت الأسعار وأثمان شقق التمليك، وعضت الحياة الإقتصادية بأنيابها الشباب، هنا تأتى هذه الهبة وبالمجان وبدون خلو أو فوائد أو ضرائب مبيعات!.
النشوة الجنسية للمرأة أثناء النوم:
"كما يستيقظ الرجل على السائل المنوى وهو يبلل ملابسه الداخلية أثناء النوم، تستيقظ المرأة على إنقباض العضلات بعد الوصول لقمة النشوة"... كذا كتب كينزى فى دراسته 1953، ذكر فيها أن 37% من النساء خبرن هذه الإنقباضات، ومنهن 8% أحسسن بها خمس مرات فى السنة و3% فقط أحسسن بها أكثر من مرتين فى الشهر.
فى دراسة أكثر حداثة من الدراسة السابقة والتى أجراها "ولز" 1986 على 245 سيدة ثبت أن 30% منهن قد أحسسن بها فى السنة السابقة على هذه الدراسة 1985.
فى هذه الدراسة السابقة نلاحظ عدة نقاط جديرة بالقراءة والمعرفة ولافتة للنظر، فمثلاً أشارت الدراسة إلى أن معدل الأحلام الجنسية بالنسبة للمرأة لا مت بصلة لمعدل الوصول إلى النشوة المصاحب لهذه الأحلام.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن معدل النشاط الجنسى للمرأة فى اليقظة لا عطينا تحديداً إجابة عن السؤال هل ستقل النشوة أم تزيد أثناء النوم؟.
ثالث هذه النقاط هى أن العادة السرية عند السيدات لا تؤثر على معدل النشوة أو الأورجازم لديهن، ولنقرأ من ملفات "ماسترز وجونسون" حديث هذه السيدة المذعورة من هذا الأورجازم الليلى الذى يهاجمها أثناء النوم:
"منذ شهر إستيقظت على أورجازم أو إنقباضات شديدة أربع أو خمس مرات، بالرغم من أن لدى حياة جنسية ناجحة مع زوجى، ولا أمارس تقريباً العادة السرية، وأتساءل لماذا يحدث هذا لى؟، هل أصبحت هائجة إلى هذا الحد جنسياً (نيمفومانيا)؟، هل صرت لا أشبع من الجنس أبداً؟"
كان الرد على هذه السيدة أن ذلك طبيعى جداً أن يحدث، ولا تسارعى بإتهام نفسك وإدانتها، ولو كان الطبيب من هواة كتابة الشعر لقال إن هذا ليس للزوج خيانة... بل للجسم صيانة!!.

الأحلام والفانتازيا الجنسية
الأحلام الجنسية أثناء النوم مثلها مثل أحلام اليقظة الجنسية منتشرة وشائعة، و70% من النساء تقريباً و100% من الرجال يحلمون أحلاماً جنسية حسب تقرير كينزى، والرسالة التى يعبر عنها محتوى الحلم الجنسى فى بعض الأحيان لا يهتم بها الكثيرون حتى وإن تضمنت أشياء شاذة أو مستهجنة بالنسبة لهم، وفى أحيان أخرى يضطرب منها البعض لأنهم يصورون ما حدث أثناء الحلم المعترض عليه على أنه فعل حقيقى يمارس، ولذلك فإضطراب الأحلام الجنسية يعد حالياً من المفاتيح الهامة لدى أطباء الصحة الجنسية للتشخيص والعلاج.
الفانتازيا الجنسية:
منذ أن ندلف من باب المراهقة حتى نخرج، نظل نحلم أحلاماً جنسية هى فانتازيا بها قبس من ألف ليلة وليلة، البعض يفرح ويستمتع، والبعض الآخر يحتار ويضطرب، إحساس بالنشوة مقابل إحساس بالخجل، ولذلك سنحاول أن نتلمس هذه الفانتازيا الجنسية والتى سنطلقها على أحلام اليقظة تمييزاً لها عما تناولناه فى الفقرة السابقة .....ما هى وظائفها؟... ما هى أنواعها وتصنيفاتها؟؟؟
حقائق حول الفانتازيا الجنسية:
حين نكون أطفالاً دائماً ما نمارس لعبة الإدعاء والتظاهر، وهى تمثيلية محبوكة ندعى فيها ونتظاهر ونوزع فيها الأدوار علينا بما يتناسب بالطبع مع خيالنا فى هذه السن، هذه الفانتازيا التى يتقبلها مجتمعنا بل ويشجع عليها ويراقبها وهو منفرج الأسارير.
أما حين تتطور هذه "الفانتازيا" بعد مرحلة الطفولة فإنه يطلق صفارات الإنذار "قف عندك" هذا ليس لعباً بل جريمة كبرى لا يجدى معها حتى التخفى وقت الغارة الإجتماعية فى المخابئ، لأن الجنس عندنا موضوع خطير حتى وإن تم فى الخيال، وكثير من القواعد الدينية والأخلاقية تعبر ما حدث فى الخيال مؤثماً وكأنه حدث فى الواقع بينما المهم هو الغرض والنية.
أخضع علماء النفس هذا السلوك لفترة طويلة للدراسة والبحث تحت مفهوم "التخيل المنحرف" وقالوا عنه إنحراف فى الصحة النفسية، وأن التخيلات غير الناضجة كما ذكر "هولندر" تمنع أية إستجابات جنسية ناضجة فى المستقبل، وقد ذكر بعض علماء النفس نقطة أخطر وهى أنها مقدمات لإنحرافات جنسية فى المستقبل، وبذلك لا يقتصر دورها على منع نمو الإستجابة الطبيعية بل أكثر من ذلك تسبب السلوك المنحرف (فرويد وإدلبرج فى منتصف الأربعينات).
بشكل عام، فالتخيل والإبتكار والإبداع يمثلون جزءاً هاماً فى الفانتازيا الجنسية، وأهم من ذلك لا بد أن تكون الفانتازيا لعبة، ولا بد أن تمارس بهذا المنطق، منطق اللعب، ولو أصبحت الفانتازيا قوة مسيطرة ودكتاتورية، فقد إنتفى هذا العنصر، عنصر اللعب، وحينها لن يختلف صاحب الفانتازيا عن مدمن القمار الذى بدأه بلعبة ثم أنهاه بإدمان حتى فقد الإستمتاع، فإجعل الفانتازيا لعبة فردية ولا تجعلها "ماراثون" تنافسى يغلب فيه الإحتراف على المتعة.
ما يثير اللبس فى مسألة الفانتازيا الجنسية هو أننا فى بعض الأحيان لا نستطيع تمييزها عن الرغبة الجنسية، تماماً كصعوبة تفرقتنا بين الجوع وتفضيلنا لنوع معين من الطعام اللذيذ، وهنا تتداخل الشهية الجنسية مع الإشباع الجنسى، لكن عموماً يسبغ علماء النفس على الفانتازيا صفة متفردة ألا وهى عنصر الخيال وهو ما يميزها عن الرغبة.
لكن ماذا يثير الخيال كى يتحرك ويخرج من كهفه السحرى ويرتدى بدلة باتمان؟!!
من الممكن أن يكون المثير والمحفز كتاباً أو منظراً فى فيلم سينمائى أو خبرة مباشرة، ويظل الشخص يرجع إليها المرة تلو المرة بعد أن يكون قد إرتاح إليها كمثير ممتع وفعال، وتصبح بذلك قصة قديمة لها بصمة تسترجع من الذاكرة بين الحين والآخر، وتعتمد قوة هذه الفانتازيا وتأثيرها على مدى الإثارة الجنسية الموجودة فى المثير الذى تحدثنا عنه سواء مشهد سينمائى أو حبكة أو وسامة ممثل أو جمال ممثلة
متى تصبح الفانتازيا مشكلة؟؟؟؟ هذا ما سنجيب عنه فى الحلقة القادمة بإذن ****.
متى تصبح الفانتازيا الجنسية مشكلة؟
متى تصبح الفانتازيا الجنسية مشكلة؟ علامة إستفهام لابد أن تطرح، فالفانتازيا ليست وردية على طول الخط، وممارستها لا بد أن تكون قد طالتها بعض المحاذير والمشاكل، والجواب عن هذا السؤال يتلخص فى مشكلتين، الأولى حين تصبح الفانتازيا هى الوسيلة الوحيدة، والوحيدة فقط للإثارة الجنسية عند شخص معين، فهذا الشخص يصبح بذلك خارجاً عن خط الصحة الجنسية، والثانية حين تتحول هذه الفانتازيا إلى وسواس قهرى مما يعوق مسارات التفكير والسلوك.
فانتازيا بدون أم مع !!
معظم الناس ينظر إلى الفانتازيا الجنسية كشئ خاص جداً لا بد أن يكون كرصيد البنك والملابس الداخلية لا يحق لأحد أن يطلع عليهما، ولكن البعض يرفض هذه النظرة التى بدون شريك، ويعتقد أن الفانتازيا مع أو المشاركة فيها ما بين الطرفين تجعل الأمر أكثر حميمية وفهماً، ويتهم من يحصرون الفانتازيا فى مساحة ضيقة لا تخرج عن نطاق عظام جمجتهم فقط بأنهم أنانيون وغير ناضجين، ويضيعون على أنفسهم فرصة ممارسة ممتعة مشتركة تجعل الجنس أكثر رحابة وإتساعاً، وتجعله أيضاً يخرج من أسوار الممكن إلى آفاق المستحيل!.
أصحاب نظرية الفانتازيا مع يعلنون تمردهم وإتهامهم للذين يتبنون نظرية الفانتازيا الخاصة، بأنهم فاقدون للنضج، لأنهم إذا كانوا يرجعون السبب إلى مجرد الخجل من هذه الفانتازيا، فإن هذا الخجل "الشماعة" هو فى الواقع ومن وجهة نظرهم دليل آخر على عدم النضج، وهم يصفون العلاقة الحميمة بأنها العلاقة الخالية من القيود التى تعوق التواصل وتشله، ولذلك فالتواصل المفتوح علامة على النضج، والخوف من هذه الفانتازيا دليل عندهم على الخوف من هذا التواصل المفتوح وعائق أمام العلاقة الحميمة، ويعتبرونها أخيراً وسيلة من وسائل الفهم المشترك ما بين الطرفين.
بالطبع لا يصمت المعسكر الآخر أمام هذه الإتهامات الخطيرة بالطفولية وعدم النضج والتخلف، ويقول أصحابه ويعلنون بوضوح انهم لا يوافقون بداية على أن من يريد أن تكون له مشاعره وأفكاره الخاصة لا بد أن يتهم بعدم النضج، ويؤكدون على أنه من الممكن أن تؤدى هذه الفانتازيا المشتركة إلى سوء فهم بدلاً من ترسيخ فهم فتختلط الأمور: هل الذى يتخيله طرف هو ما يريده فعلاً فى الواقع من الطرف الآخر، وهل سيستطيع الطرف الآخر تلبية هذا الطلب أو هل سيقدر على أن يكون على مستوى هذا الخيال، ويتوه مضمون الرسالة ما بين الواقع والخيال والممكن والمستحيل، بدليل أن سيدات كثيرات يستمتعن بفانتازيا الإغتصاب أو بتخيل أن شخصاً ما يغتصبهن، وهذا فى الحقيقة لا يعنى على الإطلاق أنهن فى الواقع يردن أن يغتصبن.
فى معرض إعتراض هؤلاء على نظرية المشاركة فى الفانتازيا يطرحون عدة أسئلة على الفريق الأول مثل: هل تستطيع تحمل الشك الذى تثيره هذه المشاركة أو المعرفة المفتوحة من أن يفعلها الطرف الآخر بعيداً عنك (مثلاً فانتازيا الإغتصاب)؟! وسؤال آخر هل تستطيع تحديد متى يرغب الطرف الآخر فى هذه الفانتازيا أو تلك، والتأكد من أنه لم يعد يرغب فى نمط معين وهجره إلى نمط آخر!.
وأخيراً يؤكدون على أنه عاجلاً أو آجلاً سيقع أبطال فريق المشاركة فى إضطراب ناتج عن علامة إستفهام كارثة وهى هل هذه الفانتازيا تفسير لعدم إشباع أم أنها رغبة فى شخص آخر؟!!.
وما زال المعسكر الذى يرفع راية "بدون" مصراً على خوض المعركة للنهاية، وأيضاً على الجبهة الأخرى ما زال أتباع مدرسة "مع" يكيلون الإتهامات ولا يتوقفون عن السخرية والضحكات على سذاجة المعسكر الأول.
أما الحقيقة فهى تائهة بين دفاع هذا وهجوم ذاك.

الفانتازيا المتطفلة
لنعتبر الفانتازيا السابقة التى تحدثنا عنها هى بمثابة الجمبري والإستاكوزا، أما الفانتازيا التى سنتناولها الآن هى كالبلهارسيا والإنكلستوما!، فانتازيا متطفلة لا تجلب لصاحبها الإستمتاع بل تجلب النكد، إنها تلف وتدور وتطارد ثم تراوغ لتلف وتدور ثانية ثم تهاجم وهكذا.
هذا النوع من الفانتازيا المتطفلة أو الطفيلية تسبب إضطراباً عظيماً وصراعاً مؤلماً، ومن الممكن فى النهاية بدلاً من أن تكون مصدر إثارة جنسية، تصبح مصدراً للإزعاج الجنسى أو بالأصح الموت الجنسى.
أغلب هذه الأنواع أو الأشكال المتطفلة تأتى على هيئة فانتازيا العقاب أو الأذى، يتخيلها المرء ثمناً مدفوعاً لما فعله من إنغماس فى الجنس وإطلاق العنان لشهواته، وهذا العقاب الفانتازى يتراوح ما بين العقاب المادى مثل الأمراض التناسلية أو السرطان مثلاً، أو النفسى مثل الحرمان من المتعة الجنسية أو الخوف من الفشل أو السجن أو حدوث كارثة قريبة.
فى بعض الحالات تنقلب هذه الفانتازيا العقابية من مجرد خيال إلى واقع، فيتجنب الشخص الممارسة الجنسية تماماً، أو يتعاظم عنده الإحساس بالذنب، أو يقع مريضاً بمرض جنسى.
لك أن تتخيل كم القلق الذى ينتاب أصحاب هذه الفانتازيا الذين تتحطم علاقاتهم تماماً مع الآخرين، ويكفى أن نذكر حالتين من ملفات مرضى "ماسترز وجونسون" لكى نتوقع معاً ما إنتهيا إليه.
الحالة الأولى: لسيدة تبلغ الأربعين من العمر، متزوجة ومتدينة جداً، ودائماً تجد نفسها عند اللقاء الجنسى مع زوجها أسيرة فانتازيا أنها تمارس الجنس مع عدة رجال فى نفس الوقت.
الحالة الثانية: لرجل يفخر برجولته وله أراء ومواقف عنيفة ضد الشذوذ الجنسى وأصحابه، لكنه دائماً ما يضبط نفسه متلبساً بتخيل أنه يمارس الجنس الفمى لرجل شاذ!!.
ينصح الأطباء النفسيون وعلماء الصحة الجنسية بأنه إذا تكررت مثل هذه الفانتازيا بإنتظام لا بد من إستشارة الطبيب المختص، حتى يستطيع هذا الشخص أن يتدرب على كيفية تحويل القناة وتغيير شاشة المخ، أو يتعلم ما يطلقون عليه إغلاق التفكير thought blocking لكى يتعامل مع مثل هذه المواقف.
هنا ولأول مرة يكون تقفيل المخ مطلوباً!!!.

وظائف الفانتازيا الجنسية
لم يرض علماء وأطباء الصحة الجنسية بأن تكون الفانتازيا الجنسية مجرد خيالات مطلقة تهيم كالأشباح، وإنما نقبوا بدأب شديد عن وظائف لهذه الفانتازيا، ومن أهن هذه الوظائف:
· بدء أو تحفيز الإثارة الجنسية:
ذكرنا فى السابق أن الفانتازيا كثيراً ما تختلط فى الأذهان بالرغبة، وهذا الإختلاط يوجهنا إلى أنه يوجد ثمة ترابط أيضاً، فأصحاب الرغبة الجنسية القليلة يعانون أيضاً من قلة الفانتازيا الجنسية، وهذا ما أثبتته أبحاث كولدونى وماسترز وجونسون وكابلان وكوندرون، والذين إستفادوا من هذه المعلومة فى أساليبهم العلاجية فيما بعد لمساعدة من يعانون من قلة الرغبة أوالإثارة.
فى بحث آخر أجراه "دافيدسون وهوفمان" 1986 على 212 سيدة متزوجة وجدا أن معظمهن يصلن إلى الإثارة وقمة النشوة أثناء اللقاء الجنسى بمساعدة هذه الفانتازيا، فهى للبعض تعطى تدعيماً للذات، وللبعض الآخر دفعاً للأمام وتحويل اللقاء الجنسى من لقاء جنسى كسول وروتينى إلى لقاء حميمى ونشط، وقد أثبتت أبحاث أخرى أن بعض الرجال أيضاً لا يستطيعون القذف إلا بعد هذه الفانتازيا.
هذا الحث والتنشيط يرجع فى رأى العلماء إلى أن هذه الفانتازيا تساعد الجوانب السيكلوجية والفسيولوجية للإستجابة الجنسية عن طريق كسر الملل والتعود على التركيز فى بؤرة واحدة للأفكار والمشاعر دون الوقوع فى التشتت، ثم أخيراً التدعيم الذى تمنحه لصورة الذات فنحن فى الفانتازيا نتخيل ما نرغب وما نود دون النظر إلى أو الخوف من المحاذير والأساطير التى نسجناه حول حجم وطول القضيب أو حجم الثدى ...الخ، فنحن عندما نتعامل مع الواقعى نتخيل المثالى، ونشاهد اللوحة ونحن نضع اللمسات والرتوش الأخيرة بفرشاة الخيال.
· إثارة ملتفة بالأمان:
هنا تطرق الفانتازيا بابنا وهى متخفية بملاءة لف، ومطمئنة تماماً إلى أنها لم تراقب فى الشارع أو عند مدخل الدار، وهنا أيضاً تقدم كهدية فى ورق لحمة!!، فلا يستطيع أحد تخمين الهدية، وهل هذا الشئ هدية أصلاً؟، ولذلك فهى تمنحنا جواً من الأمان ينطلق فيه الخيال ويترعرع بعيداً عن ميكرسكوب المجتمع القاسى، أمان لأنه خاص ولأنه خيالى أيضاً، فالخاص نتأكد معه أن الفانتازيا لن تكتشف، والخيالى يضع ماكياجاً على هذه الفانتازيا لنفلت من محاسبة النفس وكأننا ماعرفنهاش!!.
ولو أننا إعتبرنا الفانتازيا موقفاً أو طرفاً آخر أو سلوكاً يعتبر غير لائق أو غير شرعى إذا صار حقيقياً، أو إذا وضعناه على ميزان الواقع الإجتماعى فإن عنصر الأمان هنا يعتبر عنصراً جوهرياً للإثارة، فلك أن تتخيل إذا إنتفى عنصر الأمان عند أستاذ جامعى محترم تسكن خياله طالبة عنده فى القسم، أو محامية يحتل موقع الصدارة فى الفانتازيا موكلها الذى يمنحها كل الثقة والتبجيل، كيف نوفق هنا بين الفانتازيا والسمعه، إنه دور الأمان.
· التنفيس عن القلق والإحساس بالذنب:
كثيراً ما أتخيل النفس الإنسانية كبراد الشاى الذى يغلى حتى إذا ما وصل إلى نقطة الغليان القصوى يصدر صفيراً فيخرج البخار المكتوم، والفانتازيا هنا هى مكان خروج هذا البخار المكون من القلق والتوتر وإحساس الذنب الثقيل ولكن بطريقة غير مؤلمة.
نحن فى الفانتازيا نقود عربة الأحلام "وإحنا سايبين إيدينا"، ونضغط بكل قوة على البنزين بدون خوف من أن يضبطنا الرادار!، نعوض كل إحساس بالظلم، ونعوض أيضاً عن أى قصور فى دنيا الواقع، وهذا هو أفضل الحلول وخاصة فى المجتمعات التى تخصص صنماً لكل علاقة مصنوعاً من الآف الموانع والمحاذير لا بد أن يسجد له الطرفان كل صباح معتذرين عما بدر منهما، ويقدما القرابين تحت قدميه من لحمهما الحى وأعصابهما المنهكة.
· الفانتازيا بروفة جنرال:
كما يحتاج الممثل لعدة بروفات تنتهى بالبروفة الجنرال قبل الإفتتاح الفعلى للمسرحية لكى يصل الأداء إلى القمة والإندماج إلى الذروة، كذلك الفانتازيا فهى بروفة يعد فيها معظم الناس أنفسهم لما هو متوقع وكيفية أدائه، تقلل الصعوبات وتقوم بعملية "صنفرة" للأحاسيس والمشاعر وجعلها أكثر نعومة بعد التخلص من "نشارة" الخجل والخوف والرهبة والمفاجأة، وبالطبع لن تتحول الفانتازيا إلى واقع بالكربون، فبالطبع سيختلف الوضع بكل تفاصيله ولكن بالرغم من ذلك سيبقى إحساس بالراحة بعد هذه البروفة.

عندما تنقلب الفانتازيا إلى حقيقة
بالرغم من أن معظم الناس لا يرغبون فى أن تتحول خيالاتهم إلى واقع، أو تنعكس الفانتازيا لديهم على مرآة الحقيقة، فإن البعض يرغبون فى العكس ويودون لو تحولت إلى واقع ملموس.
ماذا يدفع هؤلاء إلى تبنى الرأى الأول، وماذا يدفع أولئك إلى تفضيل الرأى الثانى؟
يعتمد هذا على عدة عوامل منها مدى قوة الإثارة المتضمنة فى الفانتازيا، وأيضاً مدى إستجابة وإستقبال وثقة وفهم الطرف الآخر، وفى النهاية مدى شعور المرء بنفسه أو بنفسها ومدى غرابة الفانتازيا نفسها.
بالنسبة لهؤلاء وأولئك لا توجد إحصائيات محددة، وأصحاب الرأى الثانى من الذين يفضلون تحويلها إلى واقع ينقسمون هم أيضاً إلى قسمين... القسم الأول: يخفف من واقع الفانتازيا قليلاً حين يعكسها على اللقاء الجنسى، والقسم الثانى يفعلها كما هى ويطقبها بحذافيرها، لكن معظم الباحثين يؤكدون على أنه إذا نزلت الفانتازيا من برجها الغامض إلى حيث تتجول فى حوارى الواقع ستفقد إشباعها وتصبح محبطة وفاقدة لإثارتها السابقة، أو كما يقول "كارين شانور" فى كتاب ملفات الفانتازيا 1977 "لن تصل درجة إثارة الواقع إلى درجة الفانتازيا عند اللجوء إليه أو التطبيق عليه، لأن الفانتازيا هنا سيعاد تشكيلها من جديد فتفقد أهميتها".
أنواع وأشكال الفانتازيا المختلفة:
1- التجريب: من أشهر أنواع الفانتازيا أن يتخيل الشخص تجربة لم يستطع أن يحققها فى الواقع، كأن يكون هو نجماً من نجوم أفلام البورنو او تكون هى مندمجة فى ممارسة جنسية فى مكان عام.
2- الإخضاع: جوهر هذا النوع من الفانتازيا هو القوة ولكنها قوة الأوامر أو قوة الإغواء، أى بإختصار القوة غير البدنية كأن تمثل دور الملك أو مالك العبيد، لأن إستعمال القوة البدنية تجعل الفانتازيا تصنف كإغتصاب أو سادية، ومفتاح هذا النوع من الفانتازيا هو ألا يقاوم الطرف الآخر.. إنها الطاعة العمياء.
3- إستبدال الشريك: هذا نوع آخر ينتشر للأسف فى المنطقة العربية، من جراء الممارسة الجنسية الخاطئة التى تؤدى بالتالى إلى فقدان الإنسجام والهارمونى، مما يضطر الزوجة التى تعاشر رجلاً لا يحترم رغباتها أن تتخيل أنها تنام مع آخر، ويضطر الزوج أيضاً والذى يعاشر إمرأة باردة مختونة على سبيل المثال يحتضنها وكأنه يحتضن فريجيدير، يضطر ان يتخيل إمرأة أخرى تنام معه، أما من هو الآخر أو من هى الأخرى اللذان يقومان بدور الدوبلير أو الكومبارس الممتع؟، ففى الأغلب الأعم أن يكون هو الحبيب القادم أو ببساطة شخصاً مرغوباً فيه صديق أو جارة، قريب أو مدرسة، رئيس فى العمل أو مرؤوسة فى السكرتارية.
هذا النوع من الفانتازيا يعد بالنسبة لممارسه أكثر الأنواع ألماً فيسيطر عليه الإحساس بالذنب والخيانة!.
كما يوجد قسم آخر داخل هذا النوع وهو الجنس مع المشاهير للإستبدال بنجوم السينما والتليفزيون والرياضة والسياسيين والفنانين.
4- الإغتصاب: هو أكثر أنواع الفانتازيا تعرضاً لسوء الفهم والهجوم، فالرجال يتصورون أن من تقع فى أسر هذه الفانتازيا لا بد أن تكون راغبة بالفعل فى أن ***** تحقيقاً لأمنية دفينة.
إعتبر بعض الباحثين هذا النوع من الفانتازيا رغبة فى الإطمئنان تبديها المرأة السلبية جنسياً، والبعض الآخر إعتبر أن فانتازيا الإغتصاب تحلل من المسئولية والتبعة الملقاة عليها فى المتعة الجنسية، أو كما تقول نانسى فريداى: "بوضع نفسها فى أيدى المغتصب أو الذى تجعله مغتصباً وتحصل على ما تريده أو ما تريد أن يفعله بها، بينما فى نفس الوقت تبدو أنها مجبرة على فعل ذلك أو تنفيذ ما يريده المغتصب، وهى هنا فى الحالتين الفائزة أيضاً وغير الملومة، وأخيراً تحت رحمة قوى أكبر منها".
5- الفانتازيا الرومانسية: على عكس الفانتازيا السابقة (الإغتصاب)، نجد إيقاع العواطف أعلى والخيال اكثر رقة وهدوء، ويشمل هذا النوع مقابلة غريب فى حديقة هادئة أو تحت ضوء القمر، أو على شاطئ ممتد بلا نهاية.
وبعد كل هذه التخيلات الجياشة تبدأ الفانتازيا فى إزهار براعم جنسية تؤدى بالتالى إلى لقاء جنسى حميم جداً.

المجلات والأفلام الجنسية
نوع آخر من الجنس بدون شريك او الجنس فى غياب الطرف الاخر، ومن الصعب بل من المستحيل ونحن فى عصر الدش أو الفيديو والتقدم الهائل فى دنيا الإتصالات أن نجد شاباً لم ير أو حتى فتاة لم تصادف مجلة أو فيلماً جنسياً.
توجد أسباب كثيرة لهذا الإنتشار وهذا التهافت، فهذه المجلات والأفلام تمثل مصدراً للمعلومات الجنسية المباشرة بدون لوغاريتمات، وأيضاً تمثل مصدراً للإثارة الجنسية التى قد تمتد فترة طويلة إعتماداً على شهية المتلقى فى تلك اللحظة، وهى مثلها مثل الفانتازيا من الممكن أن تحفز الخيال ليطأ أرضاً جديدة ممنوعة أو كما ذكرنا لكى يمثل بروفة لما يتمنى أو يفضل.
هذه الأنواع أيضاً تخضع للأمزجة المختلفة، فالبعض يفضل مشاهدة السينما أو الفيديو حيث كل التفاصيل متاحة ومباحة، والبعض يفضل المجلات والكتب حيث المساحة أكبر للخيال لكى يحرك هو الصورة أو ينفخ فى الجمل والعبارات.
إختلفت آراء علماء النفس حول إستجابة الرجل والمرأة لهذه الوسائط الجنسية، فالبعض يؤكد على أن إستجابة الرجل أقوى، والبعض الآخر يجزم بأن الإثنين متساويان فى الإستجابة، وأن الرأى السابق قد وقع تحت تأثير الدور الذى رسمه المجتمع للمرأة مقدماً.
من الطريف أن تستحوذ هذه الوسائط الجنسية على إهتمام الجميع بمن فيهم الساسة الكبار من الذين إهتموا بمعرفة ودراسة تأثيرها على العلاقات الجنسية، لدرجة أن الرئيس الأمريكى السابق ليندون جونسون قد أمر بتشكيل لجنة للبحث فى أمر هذه المجلات والأفلام عام 1968، وقد خرجت هذه اللجنة بعد جهد عامين متصلين بنتائج كثيرة أهمها "أن بعض الناس الذين يتعرضون لهذه الوسائط أو المواد الجنسية سواء كانت أفلاماً او مسرحيات أو مجلات او كتباً يزيدون من ممارسة العادة السرية، ونسبة أقل تخفض من هذه الممارسة بعد رؤية هذه الأشياء، ولكن معظم الناس لا يتأثر سلوكها الجنسى حتى وإن زاد، فهو لفترة قصيرة لا تتعدى ال 48 ساعة".
فى الدنمارك بعد أن إنتشرت أفلام البورنو وعروضها، وبعد أن إكتسبت الشرعية القانونية 1965، لاحظ بعض الباحثين أن معدل الجرائم الجنسية قد إنخفض، وفى أمريكا أيضاً أجرى الباحث "جولد شتاين" 1973 بحوثاً ميدانية غير بحوث لجنة "جونسون" السابقة وأثبت فيها أن معدلات الإغتصاب قد إنخفضت.
عارض هذه الآراء باحثون آخرون مثل "ليبتون" 1983 الذى أعلن فى بحثه أن تكرار رؤية المجلات والأفلام الجنسية يصيب بالتخمة والملل. أكد مارشال على معنى مماثل 1988 وأعلن هو الآخر أن مغتصبى النساء والأطفال هم مشاهدون مدمنون لأفلام وعروض البورنو أكثر من غيرهم.
ويعترض معظم علماء النفس المعاصرين على زيادة جرعة العنف فى عروض البورنو ويشمل الإعتراض أيضاً صورة المرأة التى تبدو فى هذه المجلات والأفلام كياناً هائجاً لا هم له إلا الجنس والجنس فقط.
الإعتراض الأخير والأهم هو أنه فى بعض الأحيان يقع مشاهدو هذه الأفلام أسرى القلق والإحباط حين يعقدون المقارنات بينهم وبين نجوم البورنو، لكن المؤيدين يستنكرون هذا الخوف والفزع بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك فهم يستخدمون هذه الوسائط فى علاج بعض الأمراض الجنسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق